تقول لوالدك بمسكنة: "بابا بابا.. أنا عاوز تلاتين جنيه عشان درس العربي".
يرد عليك في حنان: "وماله يا حبيبي.. اتفضل أهم.. ربنا يوفقك".
صوت داخلي شرير:
"هيييييه.. هاروح السينما النهاردة.. بابا أصلا مايعرفش إني مش باخد درس عربي أساسا!"
***
تسألك والدتك في حدة: "كنت فين يا بنت لغاية دلوقت.. الساعة 11 بالليل"..
تردين عليها في سرعة بعد أن حفظتِ هذه الجملة مائة مرة:
"أبدا يا ماما.. أصل كان عندنا محاضرة إضافية خلصت الساعة 9 والمواصلات كانت زحمة موت.. يادوب على بال ما جيت!"
ترد والدتك في طيبة معهودة:
"طيب حمدا لله على السلامة.. يلاّ غيري هدومك بسرعة عشان أحط لك الأكل"..
تقبلينها وصوت داخلي شرير يردد:
"هيييييييه ضحكت عليك!.. المحاضرات خلصانة أصلا من الساعة 3.. بس كان لازم أقعد مع الشلة شوية وإلا أطق أموت كده!"
***
تقابل صديقك "أنور" الذي لم ترَه منذ سنوات طويلة.. أحضان وقبلات.. وفينك فينك.. عاش من شافك.. عاش من شافك ثم يقول لك:
هيييه وإنت بتعمل إيه في الدنيا دلوقت يا "أبو حميد".. أنا باشتغل في شركة "هاكونا ماطاطا" للاستيراد والتصدير.. وإنت؟
بعد أن شعرت بالإحراج لكونك تخرجت في الجامعة منذ أربع سنوات ولاتزال بلا عمل تقول له:
الحمد لله فل الفل.. فاتح "نت كافيه" في شبرا وواحد تاني في حلوان.. وبافكر أفتح واحد كمان في "توشكى".. إنت عارف هناك الشباب نفسه يلعب Games!
"بالتوفيق يا "أبوحميد" نشوفك بقى.. باي"..
باي.. ثم صوت داخلي شرير:
"قال هاكونا ماطاطا قال.. عامل لي فيها Lion King!.. عاوزني أقول له إني عاطل عشان يشمت فيّ.. ده بعده!"
***
لو كنت شاطر بقى تعرف تطلع لنا العامل المشترك في المواقف التلاتة اللي فاتت؟
طبعا مش البنت ولا الولد ولا "أنور" ولا "أبو حميد" ولا حتى "هاكونا ماطاطا"!
عليك...
هو فعلا ده..
"السينما.. والشلة.. والنت كافيه"
هم طبعا في المطلق كده مالهمش أي علاقة ببعض..
بس في المواقف الثلاثة دول بيجمعهم حاجة واحدة مؤكدة أن كلهم..
كذب..
أيوه كذب ماخدتش بالك من ده ولا إيه؟
في المرة الأولى كذب..
عشان تعمل حاجة من غير ما حد يعرف..
وفي المرة الثانية كذب..
عشان عملت حاجة ومش عاوز حد يعرفها..
وفي المرة التالتة كذب..
عشان مش عاوز تظهر حقيقتك اللي مش ولابد قدام واحد صاحبك..
طب تعرف إنك لما بتكذب طاقتك بتروح على الفاضي؟
آه
العلماء هم اللي بيقولوا كده..
أثبتوا بالتجارب إن الإنسان لما بيكذب فإن المنطقة الأمامية العليا من رأسه يحدث فيها نشاط كبير تكشفه صور الأشعة المغناطيسية.. وهو ما يعني أن الإنسان عندما يكذب فإنه يستخدم طاقة أكبر مما يستخدمها في حالة الصدق..
يعني تقول الصدق توفر صحتك وطاقتك.. تقول الكذب طاقتك تروح في الهوا وصحتك تبقى بعافية ولا مؤاخذة!
والسؤال هنا:
هو إنت بتكدب ولاّ لأ؟
بتكذب على مين؟
على أصحابك وحبايبك وأصدقائك
ولاّ على أسرتك.. والدك ووالدتك وإخواتك..
ولاّ رئيسك في الشغل أو أستاذك في المدرسة أو الجامعة؟
طب ماسألتش نفسك إنت بتكذب ليه؟
سألت؟
وإيه كانت الإجابة؟
طب فاكر اول مره كدبت كانت امتى وليه ؟
ويا ترى الكذب ده أصبح عادة عندك ومش قادر تتخلى عنها في أي حاجة بتعملها في حياتك ولاّ لسه الأمر ماوصلش للمرحلة دي؟
أسئلة كتير المرة دي.. معلش استحملنا..
بس ممكن تجاوب علينا عشان نعرف..
الكذب في حياتنا "أساسي" ولاّ "كماليات"؟
جاوب ..بصراحه .. ومن غير .. هاه!